فصل: تفسير الآيات (35- 40):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.تفسير الآيات (35- 40):

قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (37) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (38) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (39) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (40)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما دلت قراءة {انطلقوا} بالفتح على امتثالهم للأمر من غير أن ينبسوا بكلمة، صرح به فقال دالاً على ما هم فيه من المقت والغضب: {هذا} أي الموقف الذي هو بعض مواقف ذلك اليوم، سمي يوماً لتمام أحكامه، فلذا قال مخبراً عن المبتدأ: {يوم لا ينطقون} أي ببنت شفة من شدة الحيرة والدهشة في بعض المواقف، وينطقون في بعضها فإنه يوم طويل ذو ألوان- كما قاله ابن عباس رضى الله عنهما، أو لا ينطقون بما ينفعهم لأنهم كانوا في الدنيا لا ينطقون بالتوحيد الذي ينفعهم.
ولما كانوا لا يقدرون على شيء ما إلا بإذن الله، وكان الموجع لهم عدم الإذن، بني للمفعول قوله دلالة على عدم ناصر لهم أو فرج يأتيهم: {ولا يؤذن} أي من آذن ما {لهم} أي في كلام أصلاً، ولما كان المراد أنه لا يوجد لهم إذن ولا يوجد منهم اعتذار من غير أن ينظر إلى تسببه عن عدم الإذن لئلا يفهم أن لهم عذراً ولكنهم لم يبدوه لعدم الإذن، قال رافعاً عطفاً على {يؤذن} {فيعتذرون} فدل ذلك على نفي الإذن ونفي الاعتذار عقبه مطلقاً، ولو نصبه لدل على أن السبب في عدم اعتذارهم عدم الإذن فينقض المعنى.
ولما كان هذا أمراً فظيعاً ترجمه بقوله: {ويل يومئذ} أي إذ كان هذا الموقف {للمكذبين} أي العريقين في التكذيب بالإخبار بطمس النجوم فجعلت عقوبتهم سكوتهم الذي هو ذهاب نور الإنسان ليكون كالطمس كذبوا به.
ولما ذكر حيرتهم ودهشتهم التي هي أمارة قول الحكم، وكانت مواطن ذلك اليوم تسمى أياماً لتمام الأحكام في كل مواطن منها، وتميزه بذلك عما عداه، قال: {هذا} أي ذلك اليوم كله {يوم الفصل} أي بين ما اختلف فيه العباد من الحق والباطل العالي والسافل؛ ثم استأنف قوله: {جمعناكم} أي يا مكذبي هذه الأمة بما لنا من العظمة {والأولين} أي الذين تقدم أنا أهلكناهم، وقد كانوا أكثر منكم عدداً وأعظم عدداً لنفصل بين المتنازعين ونصلي العذاب ونجزي بالثواب، وقد كان منكم من يقول: أنا أكفي عشرة من ملائكة النار، ثم أشار إلى انقطاع الأسباب فقال مسبباً عن ذلك: {فإن كان لكم} أي أيها المكذبون على وجه هو ثابت من ذواتكم {كيد} أي مقاواة بنوع حيلة أو شدة {فكيدون} تقريع لهم على كيدهم لأوليائنا المؤمنين في الدنيا- بما مكنهم به من الأسباب وتنبيه على أنه من آذى وليه فقد آذنه بالحرب على أنهم عاجزون.
ولما كانوا أقل من أن يجيبوا عن هذا وأحقر من أن يمهلوا للكلام، قال مترجماً لحالهم بعد هذا الكلام منبهاً على أنهم لو عقلوا بكوا على أنفسهم الآن لأنه لا حيلة إذ ذاك: {ويل يومئذ} أي إذ يقال لهم هذا الكلام فيكون زيادة في عذابه {للمكذبين} أي الراسخين في التكذيب بأن السماء تفرج كما كانوا يكذبون بأنه يفصل بينهم بعد الموت. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35)}
نصب الأعمش (يوم) أي هذا الذي قص عليكم واقع يومئذ، اعلم أن هذا هو النوع السادس: من أنواع تخويف الكفار وتشديد الأمر عليهم، وذلك لأنه تعالى بين أنه ليس لهم عذر ولا حجة فيما أتوا به من القبائح، ولا قدرة لهم على دفع العذاب عن أنفسهم، فيجتمع في حقه في هذا المقام أنواع من العذاب أحدها: عذاب الخجالة، فإنه يفتضح على رءوس الأشهاد، ويظهر لكل قصوره وتقصيره وكل من له عقل سليم، علم أن عذاب الخجالة أشد من القتل بالسيف والاحتراق بالنار وثانيها: وقوف العبد الآبق على باب المولى ووقوعه في يده مع علمه بأنه الصادق الذي يستحيل الكذب عليه، على ما قال: {مَا يُبَدَّلُ القول لَدَىَّ} [ق: 29] وثالثها: أنه يرى في ذلك الموقف خصماءه الذين كان يستخف بهم ويستحقرهم فائزين بالثواب والتعظيم، ويرى نفسه فائزاً بالخزي والنكال، وهذه ثلاثة أنواع من العذاب الروحاني ورابعها: العذاب الجسماني وهو مشاهدة النار وأهوالها نعوذ بالله منها فلما اجتمعت في حقه هذه الوجوه من العذاب بل ما هو مما لا يصف كنهه إلا الله، لا جرم قال تعالى في حقهم: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ} وفي الآية سؤالان:
الأول:
كيف يمكن الجمع بين قوله: {هذا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ} وقوله: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة عِندَ رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: 31] وقوله: {والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] وقوله: {وَلاَ يَكْتُمُونَ الله حديثاً} [النساء: 42] ويروى أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس عن هذا السؤال والجواب: عنه من وجوه أحدها: قال الحسن: فيه إضمار، والتقدير: هذا يوم لا ينطقون فيه بحجة، ولا يؤذن لهم فيعتذرون، لأنه ليس لهم فيما عملوه عذر صحيح وجواب مستقيم، فإذا لم ينطقوا بحجة سليمة وكلام مستقيم فكأنهم لم ينطقوا، لأن من نطق بما لا يفيد فكأنه لم ينطق، ونظيره ما يقال لمن ذكر كلاماً غير مفيد: ما قلت شيئاً وثانيها: قال الفراء: أراد بقوله: {يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ} تلك الساعة وذلك القدر من الوقت الذي لا ينطقون فيه، كما يقول: آتيك يوم يقدم فلان، والمعنى ساعة يقدم وليس المراد باليوم كله، لأن القدوم إنما يكون في ساعة يسيرة، ولا يمتد في كل اليوم وثالثها: أن قوله: {لاَ يَنطِقُونَ} لفظ مطلق، والمطلق لا يفيد العموم لا في الأنواع ولا في الأوقات، بدليل أنك تقول: فلان لا ينطق بالشر ولكنه ينطق بالخير، وتارة تقول: فلان لا ينطق بشيء ألبتة، وهذا يدل على أن مفهوم لا ينطق قدر مشترك بين أن لا ينطق ببعض الأشياء، وبين أن لا ينطق بكل الأشياء، وكذلك تقول: فلان لا ينطق في هذه الساعة، وتقول: فلان لا ينطق ألبتة، وهذا يدل على أن مفهوم لا ينطق مشترك بين الدائم والموقت، وإذا كان كذلك فمفهوم لا ينطق يكفي في صدقه عدم النطق ببعض الأشياء وفي بعض الأوقات، وذلك لا ينافي حصول النطق بشيء آخر في وقت آخر، فيكفي في صدق قوله: {لاَ يَنطِقُونَ} أنهم لا ينطقون بعذر وعلة في وقت السؤال، وهذا الذي ذكرناه إشارة إلى صحة الجوابين الأولين بحسب النظر العقلي، فإن قيل: لو حلف لا ينطق في هذا اليوم، فنطق في جزء من أجزاء اليوم يحنث؟ قلنا: مبني الأيمان على العرف، والذي ذكرناه بحث عن مفهوم اللفظ من حيث إنه هو ورابعها: أن هذه الآية وردت عقيب قول خزنة جهنم لهم {انطلقوا إلى ظِلّ ذِى ثلاث شُعَبٍ} فينقادون ويذهبون، فكأنه قيل: إنهم كانوا يؤمرون في الدنيا بالطاعات فما كانوا يلتفتون.
أما في هذه الساعة (فقد) صاروا منقادين مطيعين في مثل هذا التكليف الذي هو أشق من كل شيء، تنبيهاً على أنهم لو تركوا الخصومة في الدنيا لما احتاجوا في هذا الوقت إلى هذا الانقياد الشاق، والحاصل أن قوله: {هذا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ} متقيد بهذا الوقت في هذا العمل، وتقييد المطلق بسبب مقدمة الكلام مشهور في العرف، بدليل أن المرأة إذا قالت: أخرج هذه الساعة من الدار، فقال الزوج: لو خرجت فأنت طالق، فإنه يتقيد هذا المطلق بتلك الخرجة، فكذا ههنا.
السؤال الثاني:
قوله: {وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} يوهم أن لهم عذراً وقد منعوا من ذكره، وهذا لا يليق بالحكيم والجواب: أنه ليس لهم في الحقيقة عذر ولكن ربما تخيلوا خيالاً فاسداً أن لهم فيه عذراً، فهم لا يؤذن لهم في ذلك ذكر العذر الفاسد، ولعل ذلك العذر الفاسد هو أن يقول: لما كان الكل بقضائك وعلمك ومشيئتك وخلقك فلم تعذبني عليه، فإن هذا عذر فاسد إذ ليس لأحد أن يمنع المالك عن التصرف في ملكه كيف شاء وأراد، فإن قيل: أليس أنه قال: {رُّسُلاً مُّبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرسل} [النساء: 165] وقال: {وَلَوْ أَنَّا أهلكناهم بِعَذَابٍ مّن قَبْلِهِ لَقالواْ رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً} [طه: 134] والمقصود من كل ذلك أن لا يبقى في قلبه، أن له عذراً، فهب أن عذره في موقف القيامة فاسد فلم لا يؤذن له في ذكره حتى يذكره، ثم يبين له فساده؟ قلنا: لما تقدم الأعذار والإنذار في الدنيا بدليل قوله: {فالملقيات ذِكْراً عُذْراً أَوْ نُذْراً} [المرسلات: 6] كان إعادتها غير مفيدة.
السؤال الثالث:
لم لم يقل: ولا يؤذن لهم فيعتذرون؟ كما قال: {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ} [فاطر: 36] الجواب: الفاء هاهنا للنسق فقط، ولا يفيد كونه جزاء ألبتة ومثله {مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} [البقرة: 245] بالرفع والنصب، وإنما رفع يعتذرون بالعطف لأنه لو نصب لكان ذلك يوهم أنهم ما يعتذرون لأنهم لم يؤذنوا في الاعتذار، وذلك يوهم أن لهم فيه عذراً منعوا عن ذكره وهو غير جائز.
أما لما رفع كان المعنى أنهم لم يؤذنوا في العذر وهم أيضاً لم يعتذروا لا لأجل عدم الإذن بل لأجل عدم العذر في نفسه، ثم إن فيه فائدة أخرى وهي حصول الموافقة في رءوس الآيات لأن الآيات بالواو والنون، ولو قيل: فيعتذروا لم تتوافق الآيات، ألا ترى أنه قال في سورة اقتربت الساعة: {إلى شيء نُّكُرٍ} [القمر: 6] فثقل لأن آياتها مثقلة، وقال في موضع آخر: {وعذبناها عَذَاباً نُّكْراً} [الطلاق: 8] وأجمع القراء على تثقيل الأول وتخفيف الثاني ليوافق كل منهما ما قبله.
{هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (38)}
اعلم أن هذا هو النوع السابع: من أنواع تهديد الكفار، وهذا القسم من باب التعذيب بالتقريع والتخجيل، فأما قوله: {هذا يَوْمُ الفصل} فاعلم أن ذلك اليوم يقع فيه نوعان من الحكومة أحدهما: ما بين العبد والرب وفي هذا القسم كل ما يتعلق بالرب فلا حاجة فيه إلى الفصل وهو ما يتعلق بالثواب الذي يستحقه المرء على عمله وكذا في العقاب إنما يحتاج إلى الفصل فيما يتعلق بجانب العبد وهو أن تقرر عليهم أعمالهم التي عملوها حتى يعترفوا.
والقسم الثاني: ما يكون بين العباد بعضهم مع بعض، فإن هذا يدعى على ذاك أنه ظلمني وذاك يدعى على هذا أنه قتلني فههنا لابد فيه من الفصل وقوله: {جمعناكم والأولين} كلام موضح لقوله: {هذا يَوْمُ الفصل} لأنه لما كان هذا اليوم يوم فصل حكومات جميع المكلفين فلابد من إحضار جميع المكلفين لاسيما عند من لا يجوز القضاء على الغائب، ثم قال: {فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ} يشير به إلى أنهم كانوا يدفعون الحقوق عن أنفسهم بضروب الحيل والكيد فكأنه قال: فههنا إن أمكنكم أن تفعلوا مثل تلك الأفعال المنكرة من الكيد والمكر والخداع والتلبيس فافعلوا، وهذا كقوله تعالى: {فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مّن مِّثْلِهِ} [البقرة: 23] ثم إنهم يعلمون أن الحيل منقطعة والتلبيسات غير ممكنة، فخطاب الله تعالى لهم في هذه الحالة بقوله: {فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ} نهاية في التخجيل والتقريع، وهذا من جنس العذاب الروحاني، فلهذا قال عقيبه: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ}. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {هذا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ} أي لا يتكلمون {وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} أي إن يوم القيامة له مواطن ومواقيت، فهذا من المواقيت التي لا يتكلّمون فيها، ولا يؤذن لهم في الاعتذار والتنصل.
وعن عِكرمة عن ابن عباس قال: سأله ابن الأزرق عن قوله تعالى: {هذا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ} و{فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً} [طه: 108] وقد قال تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات: 27] فقال له: إن الله عز وجل يقول: {وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47] فإن لكل مقدار من هذه الأيام لوناً من هذه الألوان.
وقيل: لا ينطقون بحجة نافعة، ومن نطق بما لا ينفع ولا يفيد فكأنه ما نطق.
قال الحسن: لا ينطقون بحجة وإن كانوا ينطقون.
وقيل: إن هذا وقت جوابهم {اخسئوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108] وقد تقدم.
وقال أبو عثمان: أسكتتهم رؤيةُ الهيبة وحياءُ الذنوب.
وقال الجُنيد: أيُّ عذر لمِن أعرض عن مُنعِمهِ وجحده وكفر أياديه ونِعمه؟ و{يوم} بالرفع قراءة العامة على الابتداء والخبر؛ أي تقول الملائكة: {هذا يوم لا ينطِقون}.
ويجوز أن يكون قوله: {انطلقوا} من قول الملائكة، ثم يقول الله لأوليائه: هذا يوم لا ينطِق الكُفَّار.
ومعنى اليوم الساعة والوقت، وروى يحيى بن سلطان عن أبي بكر عن عاصم {هذا يومَ لا ينطِقون} بالنصب، ورُوِيتْ عن ابن هُرْمز وغيره، فجاز أن يكون مبنياً لإضافته إلى الفعل وموضعه رفع.
وهذا مذهب الكوفيين، وجاز أن يكون في موضع نصب على أن تكون الإشارة إلى غير اليوم، وهذا مذهب البصريين؛ لأنه إنما بني عندهم إذا أضيف إلى مبنيّ، والفعل هاهنا معرب.
وقال الفراء في قوله تعالى: {وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} الفاء نَسْق أي عطف على {يُؤْذَن}، وأجيز ذلك؛ لأن أواخر الكلام بالنون.
ولو قال: فيعتذروا لم يوافق الآيات.
وقد قال: {لاَ يقضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ} بالنصب وكله صواب؛ ومثله: {مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ} بالنصب والرفع.
قوله تعالى: {هذا يَوْمُ الفصل} أي ويقال لهم هذا اليوم الذي يُفْصل فيه بين الخلائق؛ فيتبين المحقّ من المبطل.
{جَمَعْنَاكُمْ والأولين} قال ابن عباس: جمع الذين كذّبوا محمداً والذين كذّبوا النبيين من قبله.
رواه عنه الضحاك.
{فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ} أي حيلة في الخلاص من الهلاك {فَكِيدُونِ} أي فاحتالوا لأنفسكم وقاوُوْني ولن تجدوا ذلك.
وقيل: أي {فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ} أي قدرتم على حرب {فَكِيدُونِي} أي حاربوني.
كذا روى الضحاك عن ابن عباس.
قال: يريد كنتم في الدنيا تحاربون محمداً صلى الله عليه وسلم وتحاربونني فاليوم حاربوني.
وقيل: أي إنكم كنتم في الدنيا تعملون بالمعاصي وقد عجزتم الآن عنها وعن الدَّفْع عن أنفسكم.
وقيل: إنه من قول النبيّ صلى الله عليه وسلم، فيكون كقول هود: {فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ} [هود: 55]. اهـ.